أصبحت للأسف الشديد أخاف من العقول
التي تحيط بي..
خاصةً تلك التي تقاربني في النضج
والعمر، فالكل يتناسى ماتعلمه طوال سنوات دراسته والكل يشتكي، والكل يتشكك في كل
مايحدث.
أضحى الأمر مرعباً إلى أن وصل إلى
حد إنكار التاريخ والحاضر الذي قد عشناه بأنفسنا، قد يكونون محقين في خوفهم كونهم
لم يعيشوا الماضي، فهم لايعلمون كل ما حدث، ولاحتى كل ما يحدث.
لكن مايخيفني حقاً فكرة إنكار أي
مجهودٍ وإنكار الواقع لدرجةً أصبحوا معها فاقدين المعاني لأيٍ كان، أصبحت أطمئن في
صحبة كبار السن وذوي الخبرة، قد لايكون لهم هذا القدر من التعلم أو فهم معطيات
العصر الحديث، قد لايفهمون المصطلحات الجديدة التي استحدثها عصرنا نحن، ولكنهم
قطعاً أكثر ديمقراطيةً، وأوسع إدراكاً ووعياً لما كان، كأنهم خليط الماضي القديم
وسنوات الخبرة مطعمةٌ ببعضٍ من حداثة العصر.
أشعر بغرابةٍ حقاً حينما أناقش أحد
أبناء عمري وأجده منغلقاً متحجر الرأس، وأندهش حقاً حينما أجد ذلك التناغم بيني
وبين من يكبرونني عمراً ويزيدونني خبرةً، لعلني حقاً لا أنتمي لهذا الجيل صاحب
التطور والتكنولوجيا.
فأنا من عصر رومانسي خفيف الطلة.
أنا من أتباع وهاب وفيروز وفؤاد
عبد المجيد.
أنا من رواد الحروب القديمة وتاريخ
العصور الوسطى.
أنا من هيئة الدفاع عن الماضي
والتاريخ ومن هواة الاحتفاظ بالأثريات.
أنا من يسكن جسد شابةٍ يافعة وأنا
في الستين من عمري...ولا أزال أحلــم...