لكم أفتقد الشتاء الذي تأخر في الوصول الى بلادي، منذ طفولتي يداعب الشتاء وبرودته خيالي ،فقد ولدت في بيئة لم يزرها الشتاء يوماً، ولم تغطي الغيوم سمائها في فصل من الفصول إلا زائرة و محملة بأمطار موسمية طفيفة
فأنا طفلة ارتبط الشتاء في خيالها باللون الأبيض، لون ثلوجه البيضاء الناصعة التي هطلت من الفردوس مباشرة الينا دون أن تشوبها أفعال البشر وأفكارهم، يهبط إلينا محملاً بمختلف الأمنيات التي يسألني أن أضمرها فيحققها لي
فضمرت ألعاباً، وطفولة حانية مدللة ،وعائلة سعيدة تحوطني طويلاً، وكبرت وكثرت الأيام وكبرت معي الأحلام وأنا في انتظار فارس الشتاء الأبيض، وظللت أضمر الأحلام كي يحققها لي
ولكن عندما كبرت ونضج الخيال قليلاً وزارني الشتاء حقاً لم أستطع أن أبوح له بأمنياتي، فقد دفنت في طيات حياتي المملوءة بالأحداث والمملوءة بالعمل الذي حقق لي بعض الأمنيات، فاكتشفت أنني أنا من احتفظ بالأحلام وضمرتها في صندوق حياتي وأنا من حققها ولبى رغباتها ليس الشتاء وفارسه الأبيض
ولكن تظل ذكريات اشتياقي لقدوم الشتاء كل عام تحمل لي الكثير والكبير من الأحلام الواسعة وتذكرني بأحلام الطفولة البعيدة وتجعلني أنتظره طويلاً لكي يخرج من جعبتي الكثير من الكلام والأفكار فأظل أحكي له وأحكي إلى أن يرحل تاركاً لي وعده بزيارتي في نفس الموعد من كل عام
وها أنا في انتظارك يافارسي الأبيض
No comments:
Post a Comment