يقف أحدهم دون أن ينبس ببنت شفة، متحجرةٌ نظراته وتكاد أجفانه أن تغلق أبوابها إنصياعاً لرغبةٍ بالراحة الأبدية، راحة لاتعرف بعدها الروح شقاءً أبداً، يحمل بين طياته ملايين الأسئلة التي شُلّ عقله في الإجابة عنها، فالاتهامات تنهال عليه دون أي رأفةٍ أو شفقةٍ على عدم دفاعه عن أيٍ منها، ليس افتقاراً إلى الردود أو الذود عن نفسه، ولكن إحساساً مميتاً باليأس والصدمة، فالاتهامات موجهً إليك ممن يهك أمرهم،كيف قد توجه إليك الاتهامات جزافاً ودون الرغبة في سماع أي التبريرات، فقط أن من أهم أهداف من يرميك بالاتهامات يود أن يتخلص من وجودك، أي رغبة شريرةٍ تلك التي تدفع بإنسان أن يظلم إنساناً آخر، وأي مكانةٍ قد تسمح لأحد ما أن يحكم جوراً دون الاستماع إلى أنين الظلم أو أن يرى الحق في عينٍ مظلومة.
لم أحب هذا الشعور يوماً، أود أن تنتهي حياتي قبل أن أشعر بخناجر جائرةٍ تخترقني، وأعلم كم هي من أبشع مايكون الإحساس يوماً، نتفق جميعنا أن البشر ليسوا ملائكة من نور، جميعنا خطائون، جميعنا نقترف الخطايا بعلمٍ أو بدون علم، جميعنا نسير أحياناً بلا هدى، أو نمضي ثقةً في أقرب الناس إلينا، نستمع لأرائهم ووجهات نظرهم، ونستنج بعد ذلك كم كانوا مخطئين في رأي أو وجهة نظر ما.
ولهذا وُجد الندم والتوبة في الحياة، لنا جميعاً من الحقوق مايكفل لنا حرية الندم أو تصحيح الأخطاء قبل الرجوع إلى خالقنا ومن له الحق الوحيد في مجازاتنا ثواباً أو عقاباً، فليس لأيٍ من بني البشر الحق في ممارسة سلطة الحكم على سلوك أي إنسان، مع حفظ حقوق السلطات القانونية والتنفيذية والمحاكم التي تصدر أحكاماً تنفيذية بناءً على فقه القانون المعترف به، فأنا أقصد محاكمة البشر بعضهم بعضاً كمن عُصموا من الخطاً فأصبحوا يرمون بعضهم جوراً وظلماً ودون استنادٍ إلى شواهد أو مبررات منطقيةٍ موضوعية، فقط اعتماداً على أهواء سطحيةٍ بعيدةً كل البعد عن عظم الحكم على حياة شخص أو التقرير بشأنها.
لو يعلم كل من رمى حكماً على شخصٍ أنه كأنما يقتل روحاً حيةً لعرف عظم الجرم الذي يقترفه، إرحمنا يامن رحمتنا وخففت عنّا وأجزت لنا التوبةً محواً لمعاصينا، وفتحت أبواب الرجاء لعبادك جميعاً، صغيراً وكبيراً، شيخاً وشاباً، مذنباً حتى أو بريئاً..
No comments:
Post a Comment