لأول مرة أصحى النهاردة على صوت غير صوت نوبة الصحيان اللي بسمعها من مقر
الكتيبة العسكرية اللي بيطل عليها المقطم، صحيت على صوت رصاص حي بينضرب، ومش أي
رصاص ده رصاص ميري مترخص من ضباط شرطة في نقطة الشرطة اللي جنب عمارتي بالضبط.
البيت كله صحي واتجه ناحية شبابيك بيتنا واترصينا وكلنا مرعوبين، كأن الحرب
قامت جنب بيتنا، ناس بتصرخ وعربية شرطة بتطارد واحد "بني آدم" ومش
سامعين منه غير "والله ماكانش قصدي، والكعبة غصبٍ عني"..
ومسكوه وضربوه العلقة اللي مايخدهاش حرامي اتقفش وهو بيسرق، واتجر جرة
بهايمي للعربية واترمى فيها زي أي شنطة مافيهاش حاجة مهمة يتخاف عليها، وف الآخر
إدى الضابط طلقتين في الهوا إعلاناً عن انتصار الخير على الشر في لقطة كلها عنجهية
وتخلف..
هيبة الشرطة مش بس اتكسرت من أيام نكسة يناير المجيدة، بس كمان قيمة الخير
اللي كنّا بنلجأ لهم فيها ضاعت واترمت مع آخر شعور بالإنسانية ممكن يخبط على باب
اليأس والإحباط وعدم الأمان اللي مغلفنا.
في الحقيقة ده خلاني أجاوب على
سؤال جوايا "ليه البلطجية كتروا كدة؟!" والإجابة: علشان ماحدش بيحترم
القانون ولا العدالة في العالم بحاله.
وده خلاني عاوزة أشارككم الجزء ده من كتاب لعادل حمودة اسمه "قنابل
ومصاحف":
"إنما في العصر الحديث تخص الاستجواب من فكرة التعذيب بعد أن سادت
حقوق الإنسان وصدرت إعلانات هذه الحقوق التي حظرت تعذيب المتهم، وأكدت هذا المعنى
الاتفاقات الدولية للحقوق المدنية والسياسية، ونصت عليه الكثير من الدساتير ومنها
دستور جمهورية مصر العربية.
لأن الهدف من الإجراءات الجنائية ليس هو كشف الحقيقة بعيداً عن احترام
المتهم-ومن ثم يجب معاملته بهذه الصفة في جميع الإجراءات مما يتعين معه احترام
حريته وتأكيد ضماناتها، فلا قيمة للحقيقة التي يتم الوصول إليها على مذبح الحرية،
لأن الشرعية التي يقوم عليها نظام الدولة تتطلب حماية الحرية في مواجهة السلطة
والقانون الذي تخضع له الدولة ويكفل احترام الحريات بقدر مايعمل على معاقبة
المجرمين، وإذن فتغلب جانب السلطة والعقاب على جانب الحرية والضمانات ليس إلا
افتئاتاً على الشرعية وخروجاً على أهداف القانون من أجل ذلك يتعين أن يكون
الاستجواب نزيهاً لمعرفة الحقيقة"
No comments:
Post a Comment