نمر بتجربتنا بالحياة كمن يحمل باقةً من الورد فمنها ماهو كزهرة الليليوم يعش معك طويلاً، ومنه مايذبل و تتساقط منك أوراقه سريعاً إلى أن يختفي وجودها في مسار طريقك، إنها تلك الحياة بمعطياتها ومتغيراتها المستمرة التي أضحت لاتفاجأني بالمستحدثات من الأمور، فلن تولد مع تود أن تموت وهم يحوطونك بأي حالٍ من الأحوال، ربما فقط لم أكن أدرك مسبقاً مامعنى أن تنساب سنوات الحياة والعشرة الطويلة مع من آمنت ووثقت بهم من بين يديك دون أن تستطيع التقاطها أو الحفاظ عليها فترةً أطول، فقط أن معطيات الحياة لديهم في الوقت الحالي أهم من ماولدت به من معتقدات الصداقة والإخلاص والحب التي تجمعكم بهم، قد يمر عليها الزمن ليغير منها وفق ماارتأوه مناسباً لمصالحهم بغض النظر عن وجودك الذي قد يسد أمامهم نور الشمس التي خلقها الله لنا لتنير.
صدأت لديهم المبادئ ومات على أبوابهم التاريخ بذكرياته وأحداثه، لم تعد تضئ الحقيقة بأعينهم كما يجب، فقد غطاها الكذب ليبرر لهم أفعالهم، فقط أنهم بحاجةٍ إلى ذلك ليكملوا الطريق بثقة، إلا أن الحياة قد تخدعهم وتغريهم بأن تهديهم من السعادة ماهو مؤقتٌ فلن تحمل لهم الأيام مستقبلاً من السعادة بقدر مامرّ عليهم في ماضيهم الطويل.
قد لا أكون حالمةً حين أقول لنفسي مراراً أنك لن تخسري كثيراً بسقوطهم من أيام المستقبل، فالمستقبل يحتاج منا رؤيةً واضحة، عيناً لاتغطيها سحب الشتاء لتحجب نور الشمس الحقيقي عنها، المستقبل يحتاج منا حكمةً في الأفكار والمبادئ ورقياً في الأفعال والأقوال، فغالباً مايختار المصوّر لنا كادراتٍ أنيقة تحمل السعادة والبسمة سواءً من الأشخاص المصاحبين لنا بها أو من المعنى التي تحمله الصورة في نفوسنا وماستحمله لنا من بسمةٍ الذكرى حين النظر إليها، وأنا على الرغم من مايتساقط مني من أيام فقد حملتُ ذكرياتٍ طويلةٍ أمتدت لعمرٍ كاملٍ من البسمات والضحكات والمشاعر الفياضة التي لاتنتهي بداخلي، فلم أخسر من الحياة ماهو مهمٌ لأكمل طريقي حاملةً إياه، ومااكتسبته منها يجعلني قادرةً على رؤية الحكمة في مواقفها.
أكتبها اليوم وداعاً لك صديقتي وتوأم روحي، وداعاً لأهم وردةٍ سقطت من بين يدي في غفلةٍ طويلةٍ مني، علّها امتدت لثلاثة عشر عاماً هو عمر طويلٌ من الصداقة لن أتناساه، إلا أنني أدرك الآن أنني لم أكون معك لأكمل مابدأناه من أحلام، فقد انطفأ الإخلاص في عينيك ولن أستطيع احتمال الحياة بدونه، سأوقف الشريط هنا لأسجله في التاريخ، سأقطع الطريق لأمشي في طريقٍ يواجهك فلن تجمعنا الطرقات سوياً من جديد، لن نسكن سوياً في بيتٍ يجمعنا، لن نلعب سوياً ولن نشيخ أو نموت معاً، سامحيني فقد أسقطك ولن أنظر ورائي لأستعيدك فينتظرني من أحداث العمر ماهو أهم من إفاقة التاريخ بداخلك، فقد افترقت يدانا الآن عند مفترق الطريق ولم يعد هناك بدٌ من أن أستكمل طريقي كي أكمل مشوراي قبل أن تغيب الشمس.
2 comments:
كما تعودت منك من مقالت تحمل بين طياتها العمق النفسي الذي يصعب علي البعض فهمه إلا أني أري أنك أصبحتي تسقطين كل ورودك بدون حتي أن تنظري للجانب الأخر من المرآة
أما أن الأوان أن تستفيقي عزيزتي الطائرة في السماء كما تطلقين علي نفسك فبدلا من أن ترين الصورة كاملة و بوضوح وانتي تنظرين من أعلي تصرين علي تجاهل مشاعرك وأحاسيسك و تنظرين فقط أسفل قدميك مثل كل البشر الذين يمشون علي الأرض
أتدرين لماذا ؟! فقط هروباً من المواجهة
أرجو منك أن تستفيقي عزيزتي .. فيوما ستستيقظين وقد أسقطي كل ورودك و لم يبقي لك سوي قارورة فارغة لا يملائها سوي الماء المعكر
عزيزي الحالم
أطير حقاً في سماء عالية بعيدةً كل البعد عن المعاني التي تحمل زيف الحياة الأرضية، أفترض فيها أنني طيراً حراً من الطيور التي لاتستمتع برفقةٍ الشخصيات المبهمة الهوية، فلست حالمة بل واقعية لدرجةٍ لاتصنع مني بهلواناً أرسم الابتسامة وأنا أمشي على حبالٍ ممدودةٍ في الهواء
الواقعية هنا هي أن تكون قادراً على إدراك شعورك الحقيقي الذي بني على مواقف الحياة واتخاذ قراراتك بحزم وفقاً لها، وهذا هو البعد الأصدق والأقوى بين جميع التعبيرات المنمقة والتي لايدوم عمرها طويلاً، وعلى أي حال فكل منا تتساقط وروده ولكن يختلف لدينا مدى استيعابنا وتقبلنا للأحداث، فمنا من يقف أو يموت في ماضيه ومنا من يفضل أن يكمل طريقه في الحياة ليعيش مستقبله حاملاً من الماضي ذكرياته فقط
قارئي..أشكر لك النصيحة لكني لا أحمل ورودي في قوارير هواء فارغة، بل أٌفضل أن أزرعها بضميري لأسيقها بمبادئٍ أقتنع و أؤمن بها، أُفضل أن أٌسقط منها مايذبل سريعاً كي لاتنتقل العدوى إلىّ أو إلى مابقى من ورود، فما تبقى منها لابد من أن ينال نصيبه من العناية التي يستحقها، وماذبل كان نتيجةً لإنتهاء عمره الافتراضي ولن أستطع حينها أن أحتويه أنا أو أن يستفيد منه غيري
قارئي أحييك على مدونتك، وأشجعك على استمرار مشروع الكتابة فهي تساعد على تمرين عضلات المخ
Post a Comment