Saturday, December 31, 2011

عـــامٌ سعـــــيد



أطفئ شموع ذلك العام...احتفظ بسعادة أهداك إياها في ديوان الذكريات وأمح أوجاعه من ذاكرتك فهى لاتستحق عناء المصاحبة..استبق الأيام لترسم لوحةً جديدةً للمستقبل بألوان الحياة الطبيعية في صفحةٍ جديدة، فقد كبرنا ومافات استحق أن نعيش له بكل تفاصيله فلا تراجع ولاندم، وإن كانت الأيام تمر بلاوعيٍ فلنكن نحن واعيين لما يتغير فينا، فالعقول تتمدد بفعل حرارة تجارب الحياة لتستوعب توافد الأفكار بين تلافيفها، والقلوب تنكمش من برودة المشاعر التي لم تغذيها بالدفء لتحتفظ بعصارة الحب متقداً في نبضاتها.
فلنستقبل عاماً جديداً بعهدٍ جديد لأنفسنا..بروحٍ جديدة..بمشاعر صافية..
فلنشكل نحن الحياة كما أردنا، لنكن نحن الأيام التي تمر..
فلنحقق أحلاماً حلمناها في الماضي..ولنفي بوعود قطعناها قديماً..
لنعطي حباً لمن لم يذقه..ولنهدي بسمةً لمن لم يرسمها..
لنساعد و لننشر خيراً بأفعالنا أينما رحنا..
لنعمل ولنحيا سنواتٍ عديدة من السعادة قبل أن تعدو سريعاً، فماتبقى منها لن يضاهي مافات..
لنضمر أمنياتنا للعام الجديد ونرمي بها في النيل علّ موجه في تضاربه يهدينا بعضاً من قوته لتحقيقها..     
لنعش الحياة سعداء..
فلتعش سعيداً...فأنت تستحق أن تكون سعيداً..

عامٌ سعيد J

Tuesday, December 27, 2011

تلاحقني


في غمرة الواقع ومايحتويه من أحداثٍ متلاحقة ومستمرة وغير منقطعة ترى دائماً بصيصاً للوهم يخترق جدراناً سميكةً من قرارات العقل، ومتى قررت الانسحاب وتناسي ماقد تراه بعيني الوهم يجذبك القلب بدقات تتسارع بتوافد ذكريات الأشياء على خاطرك، فهناك من يناديك وتسمع أناته باستمرار، قد تتغافل عنه، قد تتناساه وتغلق أذانك مراتٍ ومراتٍ وتظن أنك نجحت وتسعد بما أغرقت نفسك فيه من صخبٍ للأحداث وملفات وأوراق، ولكن في نهاية اليوم وأنت في طريقك إلى سريرك لتريح عضلات العقل والقلب والروح وتنام لتمضي مابقي من ساعات اليوم بعيداً عن التفكير تصاحبك الأحلام وتتمخض لتريك ماكان ينسجه الخيال بداخلك طوال اليوم وماكان يتفاعل معك في الباطن الخفي دون وعيٍ وإدراكٍ منك، كما هو أيضاً الحقيقة التي تصاحبك في غفلةٍ متعمدةٍ منك.
إنها الرغبات الحقيقية التي يريدها الخيال كونها أصليةً وطبيعيةً ولاتحتوي على ألوان الحياة الصناعية، إنها رغبات الإنسان الحقيقية والتي يود لو أنها تتحقق ولايستطيع أن يمد يداه ليمسك بها، فهى عاليةٌ جداً عليه ويداه قصيرتان عن الإمساك بها، فقط لايستطيع إلا أن يلحقها متأملاً ومنتظراً لأي أملٍ يجعلها تنزل من عليائها لترمي بنفسها بين يديه، أنّ ذلك الأمل هو الإحساس بما يؤمن به وإن دلّت أفعاله عكس ذلك.

وهكذا الحال، أظل أركض وأركض بعيدةً جداً عن الألم وأبحث عن ماكان له أن يكون وماكان ومافعلت، كأن الأحداث لانهائيةً تطوف حول رأسي متمنيةً أن أفتحه لترسو بداخله، ولكني أتعمد مراراً ومراراً أن أغلقة حمايةً لذلك الكيان الذي أحتويه، فهو ملكيةٌ حرةٌ غير مستعبدة، وإن كانت الروح ذليلةً لبارئها الذي جعلها أرق من غشاء الفراشات وأخف من طائرةٍ ورقية أفلتت من يد صاحبها تاركةً زمام أمرها لطيات الرياح ونسمات الهواء لتحركها.

ظننت أن الانغماس في الواقع يساعد في إخفاء ماكنّا نعيشه ويبطل مفعول الألم، ظللت أركض بعيداً علّ الابتعاد عن الذكريات يمحوها، ولكنني تناسيت أن الذكريات كلأطلالٌ مدفونةٌ بداخلنا لاتنسانا لننساها، وأن الهواء الذي نتنفسه متجدد يعيد نفسه إلى أنفاسنا من جديد، وأن الصوت صداه مستمر وإن انتهى الحديث فكل الكلام يصدو من حولي بصداً من داخلي، إن استعبادنا بسلسلة الماضي ناتجٌ من واقعٍ جميل رسمناه قديماً ببرائتنا قبل أن نُلوّث نفوسنا، ونظل لانطلب إلا أن يظل نظيفاً كي نبتسم كلما تذكرناه، فالذكريات ماهى إلا الجميل من لحظاتنا ومايُبقي أرواحنا تسبح عالياً في ملكوتٍ نظيفٍ بعيدٍ عن الأرض، وارتباطنا بها استعبادٌ لاينحل إلا بمفتاح وحيد لانملكه، ولربما لا نود أن نتحرر من قيده.

Friday, December 23, 2011

لوحةٌ في الأحلام



هناك حيث السماء ملبدةٌ بالغيوم الرمادية تكاد تبتلع أي شعاع شمسٍ مضئ يقرر أن يحارب من أجل بقاءه، وتتأهب الحياة لأن تغتسل بمياه المطر الذي تشتاق إليه لتنظف نفسها مما علق بها من شوائب الأفكار وغباء الأفعال وغبار الزمن وضوضاء البشر وكلامهم.
اختفى الوجود لا أكاد أسمع سوى رفرفة الطيور تسبح بتناغم وسلام في عليائها متحديةً أن يقرر أحداً إيقافها، وخطوات أحصنةٍ هادئة آتية من مكان بعيد يحمل كلٌ منها علامةً في روحي تجعلني أعرفه من وقع أقدامه، تقترب مني وتناديني أن أشاركها رحلتها، والغريب أنني لست بخائفةٍ أو جازعةٍ من شئ ما، لأنني موقنةٌ أنني وإن ابتعدت وطال بي السفر سأعود لمنزلي الهادئ الذي يقبع في أحد أركان عقلي، لاأحتاج أن أتكلم ولاأحتاج لأن أرى فقط أحتاجه أن يفتح لي أبوابه ليضمني ويحميني من مواجهات الحياة.

وعندها فتحت عيوني لأستيقظ إلى الواقع من جديد فما فات ماهو إلا لوحةٌ رسمت في خيال الأحلام الخصب حاملةً بداخلها الآمال العميقة في السلام والهدوء بعيداً عن صخب الأحداث وتعقيدات الأمور، وهكذا تعودنا ربط كل مرغوبٍ و جميلٍ بالأحلام حيث المثالية، حيث مانريد حقاً، حيث لايوجد مكان للهؤلاء، هادموا الأحلام.

Saturday, December 10, 2011

معلمي...وداعاً


في الصف الأول الإعدادي (1/1) حينما عدت إلى مصر، حينما كانت الحياة ملونةٌ ومختلفةٌ عن مانعهده الآن من تغييرات في أوجه الحياة، حينما كان المعلم صاحب قضيةٍ إنسانية و كانت المدرسة هى البيت الثاني للطالب والتي يقضي فيها معظم ساعات حياته، وحينما قابلته...

صاحب الوجه البشوش الذي لايفقد ابتسامته إلا في مزاجٍ مضطربٍ أو عصبيةٍ شديدة، شخصيةٌ متزنة وذات ميولٍ راسخة، رجلٌ قلما نقابل أمثاله في عالمنا حيث تجتمع فيه جميع الصفات المهذبة، حيث الأبوة الحانية والنصيحة الصادقة والإهتمام المفرط والحب الفياض الذي يغمر جميع من حوله من أنواع البشر، ذلك الرجل هو معلمي!
أذكر أول ماسألني إياه بابتسامته المعهودة "إنتي مصرية؟!" وذلك لتكسر مفردات اللغة المصرية لدي في ذلك الوقت، ومن هنا بدأت علاقتنا تطضدد وصداقتي به على المستوى الإنساني تزداد يوماً من بعد يوم.
أذكر كم ساعدني على الخروج من أزمة التأقلم سريعاً بصداقته لي.
أذكر كم شاركني الكثير من أحداث حياتي كأبٍ حانٍ، وأهداني الكثير من نصائح الحياة كصديقٍ مخلص.
أذكر كم كان سعيداً بتخرجي وزميلاتي من الجامعة وكم كان فخوراً بنا.

واليوم قد رحل...
ذهب في رحلةٍ طويلةٍ بعيدةٍ عن الدنيا.. أكاد أشاهد مامرّ به في رحلته الأخيرة بالتفصيل.. يروعني ماأرآه في مشهد موته إلى الآن، ويفطر قلبي أنه لم يمت بسلام، وجلّ مايهدئ من روعي أنني كلما تذكرته أرى ابتسامته الأخاذة وهو يناديني بطريقته المعهودة "صاصا" فأطمئن عليه.

أ/أحمد حلمي.. معلمي.. أحفظ صنيعك ونصائحك عن ظهر قلب، فلترحل في سلام الله ولك منا صلواتٌ وفاتحةٌ ودعاء إلى الله بأن يطمئن روحك ويرحمك ويغفر لك ويسكنك جناتٍ عريضة..
إنا لله وإنا إليه راجعون...

Saturday, December 3, 2011

لست حراً أن تمتلك حريتي


في إحدى جلسات السمر مع الأصدقاء طرأ على بالنا أن نمرر هذا السؤال علينا واحداً تلو الآخر، ماالفرق بين الحرية بين أسطر التعريفات والحرية التطبيقية؟
سؤالٌ معقدٌ بقدر ماتحمله العقول من إجابات، فمن بيننا مايرى أن الحرية هى المساحة المفتوحة بين القول والفعل، فمهما قلت من أراء وأفكار يجب أن تكون لك مساحة في أن تُسمع ولك من المساحة ماأن تطبق فيه تلك الأفكار لإثبات واقعيتها، ومنا من يرى أن الحرية ماهى إلا مساحة المواطن في مواطنته، حريته في الجهر بأفكاره أياً كانت ملتها وماتصب فيه، ووفقاً لهذا تنطلق المظاهرات التأييدية والشجبية في مساحات مختلفةٍ من العالم بغض النظر عن اختلاف بروتكولات المسيرات والتظاهرات في كل مكان عن الآخر، ومنا مايرى أن الحرية الواقعية تختلف كثيراً عن الحرية التي سطرها أرباب المذاهب الليبرالية من تحريرٍ للأفراد من المثلث السلطوي المتمثل في الإقتصاد والسياسة والعلم، حيث أن التطبيق مختلف لاختلاف الخلفيات السياسية والمذاهب الفكرية السائدة في كل مجتمع.
وهكذا ظللنا نسرد الأراء بمختلف الرؤى لربما نصل إلى بكلامنا إلى بؤرة النشاط السياسي والخلاف الذي تشهده مصر في الوقت الراهن، فهل كانت حرية الأفراد مهضومةٌ حقاً في مصر؟ وهل حالت الفوضى المصرية الحديثة دون ذلك؟

يرد أحد الناشطين السياسيين في إحدى جمعيات حقوق الإنسان المعلنة بأننا كنا نملك جميع الأدوات التي تخلق من مواطن هادئ ووديع ثائراً يحمل ألوية الدفاع عن أفراد لاتجمعه معهم سوى الجنسية الواحدة والتعاطف الإنساني أمثال خالد سعيد وشهداء الثورة الحديثة، فقط أنه أتيحت له المساحة عن طريق شرارة نطلقها في وقت محدد، فترى جمهوراً من أفراد بتلك المواصفات إجتمعوا وإن كانت خلفية فردٍ منهم في ذلك الموضوع لاتتعدى ماقرأه في جريدة أو فهمه مما يدور في الأروقة حوله، وبغض النظر عن الأسئلة التي يمكن أن تدور في ذهنه عن الأسباب والدوافع التي يثور من أجلها فقد يتغاضى عن تزويد مداركه بمعلومات تثري ثورته، ومن هنا وعندما يصطدم بإحدى الأراء المعاكسة لايبدأ إلا بالهجوم إلى أن يصل معه الأمر إلى حد التطرف في الدفاع عن مايراه، إلى ماقد يصل به أحياناً للدفاع بلغة الدين عن مايفعله، وبقدر ماهو مكفولٌ له قانوناً إلا إنه يجعل جهله فاضحاً في هذا الهجوم، هجومه على الدين ذاته الذي ينتمي له وإن لم يدرك هو ذلك، وهذا مايجعله يختلف بدوره عن الجهل الطبيعي، وبهذه الحال ارتبطت لدينا الصفة الجهلية بالتطرف علماً بأن الجهل بطبيعته لايستلزم تطرفاً.

وبزيادة التطرف الفكري والثقافي والديني لدينا زادت الجماعات والفئات المختلفة، وبالتالي زاد عدد المحللين السياسيين على مختلف الأصعدة من المتخصصين والمتمرسين والمثقفين إلى الطبقة الأقل فالأقل، وبزيادة التطرف أصبحت حرية إبداء الرأي وإتخاذ القرارات درباً من التفرد والديكتاتورية السلطوية التي قطعاً تتنافى مع ماقد ينادي به بعض الأفراد في حركات التحرير والتخلص من بعض ملامح العبودية، وبالتالي تتحول شرارة حرية الأفراد إلى ديكتاتورية التفرد المطلق المتشعب الأحزاب والمصالح وهو مانراه الآن بوضوح، فحينما نبتعد عن مصدر الشرارة نبتعد بذات القدر عن المغزى والسبب الحقيقي لها، فتظل تتسائل كيف تكون الحرية غايةٌ سامية وحق مشروع، وهى أيضاً إحدى صور إنتهاك حقوق الإنسان وتهديد السلام العالمي وتبديد لباقي حقوق الإنسان المدنية والأمنية والإجتماعية والثقافية والسياسية والإقتصادية في بلاده.

قد انبهر العالم أجمع بسلسلة احتجاجات التحرير أو مايسميه الغرب ورعاة حقوق الإنسان بثورات الربيع العربي و التي تتابعت بدايةً من تونس ومصر وليبيا واليمن نهايةً بسوريا تحت مظلة أحادية وهى المطالبة بالحرية –رغم وجودها بمعناها الأساسي- ورغم أنه بعد مرور عام منذ إندلاعها تباعاً نفتقد الآن للمعنى الحقيقي للحرية، وهو ماجعلنا نتسائل اليوم، لنستنتج أن ماتعلمناه وقرأناه عن الحرية في الميثاق العربي لحقوق الإنسان أن الحرية من كونها حقٌ فرديٌ مشروع ومنصوصٌ ضمن بنود المواثيق، ومطلب مجتمعي يطالب به أفراد المجتمع –إن فقدوه-، وتأشيرة للحكام في أوقات الطوارئ العامة والتي تهدد حياة الأمم أن تتخذ إجراءاتها مايحلها من إلتزامها به، وهذا مايلتزم به رعاة مواثيق حقوق الإنسان والسلام العالمي وداعمي المؤسسات الناشطة سياسياً والغير حكومية وهو مايجعلها من أقوى دول العالم وأكثرها إتزاناً، فهى لاتستخدم أدواتها الإعلامية لبث مايدور في أروقة الديكتاتورية العظمى والتي غفل عنه الكثير من الدول العربية، ولكنها هى من بثت بذور الأهداف البعيدة المدى مُقنعةً في صورة الحرية، وهذا مااجتمعنا على رفضه ورفض استخدامنا كأدوات لفرض الهيمنة وسلماً يصعدون به.

اجتمعنا أن الحرية ليست حكراً بل حق والجميع يمتلكونه على كافة الأصعدة ومن جميع الطبقات المجتمعية، وسكوت بعض الأفراد عن إبداء الرأي في وقت ما لايعني مطلقاً أنه ليس حراً أن يعارض أرائك وأن تكون له قناعات مخالفةً لك، وظناً منك أنك أجبرته على السكوت بفرض شروط حريتك عليه هو قمة السذاجة، فأنت حر، ولكن لست حراً أن تمتلك حريتي..