Saturday, December 31, 2011

عـــامٌ سعـــــيد



أطفئ شموع ذلك العام...احتفظ بسعادة أهداك إياها في ديوان الذكريات وأمح أوجاعه من ذاكرتك فهى لاتستحق عناء المصاحبة..استبق الأيام لترسم لوحةً جديدةً للمستقبل بألوان الحياة الطبيعية في صفحةٍ جديدة، فقد كبرنا ومافات استحق أن نعيش له بكل تفاصيله فلا تراجع ولاندم، وإن كانت الأيام تمر بلاوعيٍ فلنكن نحن واعيين لما يتغير فينا، فالعقول تتمدد بفعل حرارة تجارب الحياة لتستوعب توافد الأفكار بين تلافيفها، والقلوب تنكمش من برودة المشاعر التي لم تغذيها بالدفء لتحتفظ بعصارة الحب متقداً في نبضاتها.
فلنستقبل عاماً جديداً بعهدٍ جديد لأنفسنا..بروحٍ جديدة..بمشاعر صافية..
فلنشكل نحن الحياة كما أردنا، لنكن نحن الأيام التي تمر..
فلنحقق أحلاماً حلمناها في الماضي..ولنفي بوعود قطعناها قديماً..
لنعطي حباً لمن لم يذقه..ولنهدي بسمةً لمن لم يرسمها..
لنساعد و لننشر خيراً بأفعالنا أينما رحنا..
لنعمل ولنحيا سنواتٍ عديدة من السعادة قبل أن تعدو سريعاً، فماتبقى منها لن يضاهي مافات..
لنضمر أمنياتنا للعام الجديد ونرمي بها في النيل علّ موجه في تضاربه يهدينا بعضاً من قوته لتحقيقها..     
لنعش الحياة سعداء..
فلتعش سعيداً...فأنت تستحق أن تكون سعيداً..

عامٌ سعيد J

Tuesday, December 27, 2011

تلاحقني


في غمرة الواقع ومايحتويه من أحداثٍ متلاحقة ومستمرة وغير منقطعة ترى دائماً بصيصاً للوهم يخترق جدراناً سميكةً من قرارات العقل، ومتى قررت الانسحاب وتناسي ماقد تراه بعيني الوهم يجذبك القلب بدقات تتسارع بتوافد ذكريات الأشياء على خاطرك، فهناك من يناديك وتسمع أناته باستمرار، قد تتغافل عنه، قد تتناساه وتغلق أذانك مراتٍ ومراتٍ وتظن أنك نجحت وتسعد بما أغرقت نفسك فيه من صخبٍ للأحداث وملفات وأوراق، ولكن في نهاية اليوم وأنت في طريقك إلى سريرك لتريح عضلات العقل والقلب والروح وتنام لتمضي مابقي من ساعات اليوم بعيداً عن التفكير تصاحبك الأحلام وتتمخض لتريك ماكان ينسجه الخيال بداخلك طوال اليوم وماكان يتفاعل معك في الباطن الخفي دون وعيٍ وإدراكٍ منك، كما هو أيضاً الحقيقة التي تصاحبك في غفلةٍ متعمدةٍ منك.
إنها الرغبات الحقيقية التي يريدها الخيال كونها أصليةً وطبيعيةً ولاتحتوي على ألوان الحياة الصناعية، إنها رغبات الإنسان الحقيقية والتي يود لو أنها تتحقق ولايستطيع أن يمد يداه ليمسك بها، فهى عاليةٌ جداً عليه ويداه قصيرتان عن الإمساك بها، فقط لايستطيع إلا أن يلحقها متأملاً ومنتظراً لأي أملٍ يجعلها تنزل من عليائها لترمي بنفسها بين يديه، أنّ ذلك الأمل هو الإحساس بما يؤمن به وإن دلّت أفعاله عكس ذلك.

وهكذا الحال، أظل أركض وأركض بعيدةً جداً عن الألم وأبحث عن ماكان له أن يكون وماكان ومافعلت، كأن الأحداث لانهائيةً تطوف حول رأسي متمنيةً أن أفتحه لترسو بداخله، ولكني أتعمد مراراً ومراراً أن أغلقة حمايةً لذلك الكيان الذي أحتويه، فهو ملكيةٌ حرةٌ غير مستعبدة، وإن كانت الروح ذليلةً لبارئها الذي جعلها أرق من غشاء الفراشات وأخف من طائرةٍ ورقية أفلتت من يد صاحبها تاركةً زمام أمرها لطيات الرياح ونسمات الهواء لتحركها.

ظننت أن الانغماس في الواقع يساعد في إخفاء ماكنّا نعيشه ويبطل مفعول الألم، ظللت أركض بعيداً علّ الابتعاد عن الذكريات يمحوها، ولكنني تناسيت أن الذكريات كلأطلالٌ مدفونةٌ بداخلنا لاتنسانا لننساها، وأن الهواء الذي نتنفسه متجدد يعيد نفسه إلى أنفاسنا من جديد، وأن الصوت صداه مستمر وإن انتهى الحديث فكل الكلام يصدو من حولي بصداً من داخلي، إن استعبادنا بسلسلة الماضي ناتجٌ من واقعٍ جميل رسمناه قديماً ببرائتنا قبل أن نُلوّث نفوسنا، ونظل لانطلب إلا أن يظل نظيفاً كي نبتسم كلما تذكرناه، فالذكريات ماهى إلا الجميل من لحظاتنا ومايُبقي أرواحنا تسبح عالياً في ملكوتٍ نظيفٍ بعيدٍ عن الأرض، وارتباطنا بها استعبادٌ لاينحل إلا بمفتاح وحيد لانملكه، ولربما لا نود أن نتحرر من قيده.

Friday, December 23, 2011

لوحةٌ في الأحلام



هناك حيث السماء ملبدةٌ بالغيوم الرمادية تكاد تبتلع أي شعاع شمسٍ مضئ يقرر أن يحارب من أجل بقاءه، وتتأهب الحياة لأن تغتسل بمياه المطر الذي تشتاق إليه لتنظف نفسها مما علق بها من شوائب الأفكار وغباء الأفعال وغبار الزمن وضوضاء البشر وكلامهم.
اختفى الوجود لا أكاد أسمع سوى رفرفة الطيور تسبح بتناغم وسلام في عليائها متحديةً أن يقرر أحداً إيقافها، وخطوات أحصنةٍ هادئة آتية من مكان بعيد يحمل كلٌ منها علامةً في روحي تجعلني أعرفه من وقع أقدامه، تقترب مني وتناديني أن أشاركها رحلتها، والغريب أنني لست بخائفةٍ أو جازعةٍ من شئ ما، لأنني موقنةٌ أنني وإن ابتعدت وطال بي السفر سأعود لمنزلي الهادئ الذي يقبع في أحد أركان عقلي، لاأحتاج أن أتكلم ولاأحتاج لأن أرى فقط أحتاجه أن يفتح لي أبوابه ليضمني ويحميني من مواجهات الحياة.

وعندها فتحت عيوني لأستيقظ إلى الواقع من جديد فما فات ماهو إلا لوحةٌ رسمت في خيال الأحلام الخصب حاملةً بداخلها الآمال العميقة في السلام والهدوء بعيداً عن صخب الأحداث وتعقيدات الأمور، وهكذا تعودنا ربط كل مرغوبٍ و جميلٍ بالأحلام حيث المثالية، حيث مانريد حقاً، حيث لايوجد مكان للهؤلاء، هادموا الأحلام.

Saturday, December 10, 2011

معلمي...وداعاً


في الصف الأول الإعدادي (1/1) حينما عدت إلى مصر، حينما كانت الحياة ملونةٌ ومختلفةٌ عن مانعهده الآن من تغييرات في أوجه الحياة، حينما كان المعلم صاحب قضيةٍ إنسانية و كانت المدرسة هى البيت الثاني للطالب والتي يقضي فيها معظم ساعات حياته، وحينما قابلته...

صاحب الوجه البشوش الذي لايفقد ابتسامته إلا في مزاجٍ مضطربٍ أو عصبيةٍ شديدة، شخصيةٌ متزنة وذات ميولٍ راسخة، رجلٌ قلما نقابل أمثاله في عالمنا حيث تجتمع فيه جميع الصفات المهذبة، حيث الأبوة الحانية والنصيحة الصادقة والإهتمام المفرط والحب الفياض الذي يغمر جميع من حوله من أنواع البشر، ذلك الرجل هو معلمي!
أذكر أول ماسألني إياه بابتسامته المعهودة "إنتي مصرية؟!" وذلك لتكسر مفردات اللغة المصرية لدي في ذلك الوقت، ومن هنا بدأت علاقتنا تطضدد وصداقتي به على المستوى الإنساني تزداد يوماً من بعد يوم.
أذكر كم ساعدني على الخروج من أزمة التأقلم سريعاً بصداقته لي.
أذكر كم شاركني الكثير من أحداث حياتي كأبٍ حانٍ، وأهداني الكثير من نصائح الحياة كصديقٍ مخلص.
أذكر كم كان سعيداً بتخرجي وزميلاتي من الجامعة وكم كان فخوراً بنا.

واليوم قد رحل...
ذهب في رحلةٍ طويلةٍ بعيدةٍ عن الدنيا.. أكاد أشاهد مامرّ به في رحلته الأخيرة بالتفصيل.. يروعني ماأرآه في مشهد موته إلى الآن، ويفطر قلبي أنه لم يمت بسلام، وجلّ مايهدئ من روعي أنني كلما تذكرته أرى ابتسامته الأخاذة وهو يناديني بطريقته المعهودة "صاصا" فأطمئن عليه.

أ/أحمد حلمي.. معلمي.. أحفظ صنيعك ونصائحك عن ظهر قلب، فلترحل في سلام الله ولك منا صلواتٌ وفاتحةٌ ودعاء إلى الله بأن يطمئن روحك ويرحمك ويغفر لك ويسكنك جناتٍ عريضة..
إنا لله وإنا إليه راجعون...

Saturday, December 3, 2011

لست حراً أن تمتلك حريتي


في إحدى جلسات السمر مع الأصدقاء طرأ على بالنا أن نمرر هذا السؤال علينا واحداً تلو الآخر، ماالفرق بين الحرية بين أسطر التعريفات والحرية التطبيقية؟
سؤالٌ معقدٌ بقدر ماتحمله العقول من إجابات، فمن بيننا مايرى أن الحرية هى المساحة المفتوحة بين القول والفعل، فمهما قلت من أراء وأفكار يجب أن تكون لك مساحة في أن تُسمع ولك من المساحة ماأن تطبق فيه تلك الأفكار لإثبات واقعيتها، ومنا من يرى أن الحرية ماهى إلا مساحة المواطن في مواطنته، حريته في الجهر بأفكاره أياً كانت ملتها وماتصب فيه، ووفقاً لهذا تنطلق المظاهرات التأييدية والشجبية في مساحات مختلفةٍ من العالم بغض النظر عن اختلاف بروتكولات المسيرات والتظاهرات في كل مكان عن الآخر، ومنا مايرى أن الحرية الواقعية تختلف كثيراً عن الحرية التي سطرها أرباب المذاهب الليبرالية من تحريرٍ للأفراد من المثلث السلطوي المتمثل في الإقتصاد والسياسة والعلم، حيث أن التطبيق مختلف لاختلاف الخلفيات السياسية والمذاهب الفكرية السائدة في كل مجتمع.
وهكذا ظللنا نسرد الأراء بمختلف الرؤى لربما نصل إلى بكلامنا إلى بؤرة النشاط السياسي والخلاف الذي تشهده مصر في الوقت الراهن، فهل كانت حرية الأفراد مهضومةٌ حقاً في مصر؟ وهل حالت الفوضى المصرية الحديثة دون ذلك؟

يرد أحد الناشطين السياسيين في إحدى جمعيات حقوق الإنسان المعلنة بأننا كنا نملك جميع الأدوات التي تخلق من مواطن هادئ ووديع ثائراً يحمل ألوية الدفاع عن أفراد لاتجمعه معهم سوى الجنسية الواحدة والتعاطف الإنساني أمثال خالد سعيد وشهداء الثورة الحديثة، فقط أنه أتيحت له المساحة عن طريق شرارة نطلقها في وقت محدد، فترى جمهوراً من أفراد بتلك المواصفات إجتمعوا وإن كانت خلفية فردٍ منهم في ذلك الموضوع لاتتعدى ماقرأه في جريدة أو فهمه مما يدور في الأروقة حوله، وبغض النظر عن الأسئلة التي يمكن أن تدور في ذهنه عن الأسباب والدوافع التي يثور من أجلها فقد يتغاضى عن تزويد مداركه بمعلومات تثري ثورته، ومن هنا وعندما يصطدم بإحدى الأراء المعاكسة لايبدأ إلا بالهجوم إلى أن يصل معه الأمر إلى حد التطرف في الدفاع عن مايراه، إلى ماقد يصل به أحياناً للدفاع بلغة الدين عن مايفعله، وبقدر ماهو مكفولٌ له قانوناً إلا إنه يجعل جهله فاضحاً في هذا الهجوم، هجومه على الدين ذاته الذي ينتمي له وإن لم يدرك هو ذلك، وهذا مايجعله يختلف بدوره عن الجهل الطبيعي، وبهذه الحال ارتبطت لدينا الصفة الجهلية بالتطرف علماً بأن الجهل بطبيعته لايستلزم تطرفاً.

وبزيادة التطرف الفكري والثقافي والديني لدينا زادت الجماعات والفئات المختلفة، وبالتالي زاد عدد المحللين السياسيين على مختلف الأصعدة من المتخصصين والمتمرسين والمثقفين إلى الطبقة الأقل فالأقل، وبزيادة التطرف أصبحت حرية إبداء الرأي وإتخاذ القرارات درباً من التفرد والديكتاتورية السلطوية التي قطعاً تتنافى مع ماقد ينادي به بعض الأفراد في حركات التحرير والتخلص من بعض ملامح العبودية، وبالتالي تتحول شرارة حرية الأفراد إلى ديكتاتورية التفرد المطلق المتشعب الأحزاب والمصالح وهو مانراه الآن بوضوح، فحينما نبتعد عن مصدر الشرارة نبتعد بذات القدر عن المغزى والسبب الحقيقي لها، فتظل تتسائل كيف تكون الحرية غايةٌ سامية وحق مشروع، وهى أيضاً إحدى صور إنتهاك حقوق الإنسان وتهديد السلام العالمي وتبديد لباقي حقوق الإنسان المدنية والأمنية والإجتماعية والثقافية والسياسية والإقتصادية في بلاده.

قد انبهر العالم أجمع بسلسلة احتجاجات التحرير أو مايسميه الغرب ورعاة حقوق الإنسان بثورات الربيع العربي و التي تتابعت بدايةً من تونس ومصر وليبيا واليمن نهايةً بسوريا تحت مظلة أحادية وهى المطالبة بالحرية –رغم وجودها بمعناها الأساسي- ورغم أنه بعد مرور عام منذ إندلاعها تباعاً نفتقد الآن للمعنى الحقيقي للحرية، وهو ماجعلنا نتسائل اليوم، لنستنتج أن ماتعلمناه وقرأناه عن الحرية في الميثاق العربي لحقوق الإنسان أن الحرية من كونها حقٌ فرديٌ مشروع ومنصوصٌ ضمن بنود المواثيق، ومطلب مجتمعي يطالب به أفراد المجتمع –إن فقدوه-، وتأشيرة للحكام في أوقات الطوارئ العامة والتي تهدد حياة الأمم أن تتخذ إجراءاتها مايحلها من إلتزامها به، وهذا مايلتزم به رعاة مواثيق حقوق الإنسان والسلام العالمي وداعمي المؤسسات الناشطة سياسياً والغير حكومية وهو مايجعلها من أقوى دول العالم وأكثرها إتزاناً، فهى لاتستخدم أدواتها الإعلامية لبث مايدور في أروقة الديكتاتورية العظمى والتي غفل عنه الكثير من الدول العربية، ولكنها هى من بثت بذور الأهداف البعيدة المدى مُقنعةً في صورة الحرية، وهذا مااجتمعنا على رفضه ورفض استخدامنا كأدوات لفرض الهيمنة وسلماً يصعدون به.

اجتمعنا أن الحرية ليست حكراً بل حق والجميع يمتلكونه على كافة الأصعدة ومن جميع الطبقات المجتمعية، وسكوت بعض الأفراد عن إبداء الرأي في وقت ما لايعني مطلقاً أنه ليس حراً أن يعارض أرائك وأن تكون له قناعات مخالفةً لك، وظناً منك أنك أجبرته على السكوت بفرض شروط حريتك عليه هو قمة السذاجة، فأنت حر، ولكن لست حراً أن تمتلك حريتي..

Saturday, November 26, 2011

ميدان العباسية، ميدان في قلب مصر



في غمرة الأحداث التي تمر بها مصر والتي تثقل القلب بإحباطٍ لاخروج منه وبيأسٍ لا أمل في انتهاءه، قد تستيقظ يوماً لترى الشمس وقد أشرقت في يوم مغيم، لتأتي أشعتها وتدفئ ذلك الخوف القابع في أدخلنا وتدب فينا ثورة أيام الحرية، وترى رفاق الجهاد ينادونك لتلبي معهم نداء الوطن الذي يحتاج حماس الشباب المتقد في عمر صباك، وليس بأي صباً هذا، إنه ذلك الصبا المثقف والواعي لأحداث الماضي ومايدور حولنا من مؤامراتٍ سياسيةٍ بعيدة المدى، إنه ذلك الصبا قديم التاريخ والمعاصر لكثيرٍ من الأحداث.

اليوم الخامس والعشرون من شهر نوفمبر لعام 2011 من ميدان العباسية، يوم الحرية، يوم استعادتي لثقتي بأبناء وطني، حيث رسم الشعب مجرداً من أي تجمعات فئوية معقدة، أو أي نشطاء سياسيون أو أي تيارات تنتمي لأي حزب أو تجمع أروع لوحةً فنية، حيث تجمهرت جميع فئات الشعب من فلاحين ومدنيين و عمال وموظفين و علماء وأطباء ومهندسين ومحامين ومثقفين وأميين وكهول ومسنين وشباب وأطفال، مجتمعين على هدفٍ وحيدٍ لابديل له وهو إعطاء الشرعية لبقاء المجلس العسكري في سلطته الحاكمة لمصر حتى تسليم السلطة لهيكل الدولة الجديد والذي يتكون من وجود رئيس للدولة و سلطة تشريعية (مجلسي الشعب والشورى)، وسلطة تنفيذية (الحكومة والإدارات المحلية)، وسلطة قضائية (المحاكم على اختلاف أنواعها) وهذا باختصار شديد الهيكل النظامي الذي يفترض أن تكون عليه جمهورية مصر العربية.

جل مايثير الإنتباه النظام والذي لم نعهده لفترةٍ طويلة في أسلوب حياتنا، وبدون أدنى ترتيبٍ مسبق سوى الإعلان عن موعد التجمع، يوماً بدأ منذ الصباح الباكر ولم ينتهي بعد فنحن لدينا الكثير لنقوله، فالصمت ملّ من أن يقبع جباناً، والصمت لم يعد يجدي مع من باعوا الأرض وظنوا أن الوطن لعبةٌ في أيدي بعض السذج عديموا الوعي وإن كانت بذرة الوعي لديهم موجودة فإنها تُسقى بماءٍ معكرٍ ومجهول المصدر، لنحصد بعدها جهلاً سياسياً عميق الجذور على مختلف الأعمار، لذا وجب علينا الاستماع، ووجب علينا تلبية نداء أرض الوطن التي حارب عليها أبناؤه في عهد لم نعاصره، أبناء القوات المسلحة من كبرت أعمارهم بعدد الحروب التي خضناها، ومن أعادوا إلينا الأرض سلاماً لنا لنعيشه وليس استسلاماً كما يدّعون.

فلم ولن نصدق وعوداً كاذبةً بالمدنية الديمقراطية لأننا نعاصر أقاويلكم المزيفة الآن، ولن نعطي أذاننا لفئاتٍ تتستر خلف ستار الدين لتتعمق في الباحات السياسية فارضةً علينا أرائها القديمة والبالية والتي نعلم جميعاً ماترمي إليه، ولن نفكر يوماً في إسكات ضمائرنا ومانؤمن به استسلاماً لواقعٍ مفروض، وقد حان الوقت من جديد لننفض غبار اليأس الذي طال مداه ونستعد للنزول مرةً أخرى إلى أرض بلادنا لرفع معاناة من لم يشعر بهم أيٌ من أصحاب المعالي نشطاء الحركات السياسية والإجتماعية المختلفة ومن كنت قد دخلت مطبخهم سابقاً واستقيت منهم بقدر مااستقيت، فلن يخاف أحد منهم على عمال الأجرة اليومية وعلى الباعة المتجولين وأصحاب الحرف البسيطة وساكنوا البيوت المهمشة والمدافن، فلم يجرب من لم يعش أو يشعر بهم يوماً.
  
وقد رأيتهم اليوم تستفيض ألسنهم بالحكايات الطويلة وبالمعاناة التي لم تمنعهم من المشاركة في المعرفة وإطلاق مالم تبوح به ثورة الشعب الآثمة، فلن يخاف على الوطن أحدٌ غير أبناؤه الحقيقيون ومن رأيت الحب والتضحية والرقي في أقوالهم وأفعالهم هذا اليوم، الذي لن يُمحى من التاريخ أن قام فيه المصري حينما شعر بالخوف على وطنه وأرضه ورزقه من الضياع سداً

عاشت مصر حرةً بأبناءه.

Monday, October 10, 2011

بلادي ياالله


ياالله وأنت الأعلم بما فينا، إن وطني يعج بالفوضى والفساد، تخور قواه من هول مايراه من أفعال أبناءه، تتهافت عليه إيدي الطامعين من كل صوبٍ وحدب، فيارب خيب رجائهم واحم بلادي ياالله
يارب لاتفجعنا في أوطاننا، ولاتجعل مصيبتنا في قتل بعضنا البعض، وإن كان مايحل بنا غضبٌ منك فارفع ياربي مقتك وغضبك عنّا، واعف عنا يامن وسعت البشر والعالم برحمتك وقدرتك وعفوك
اللهم إنى أستودعك وطني وأنت الذى لا تضيع ودائعه, فأحفظه يا ربي، اللهم إنا علمنا أنه مع العسر يسرا و مع الشدة فرج و أنك مبدل الأحوال من حال إلى حال، ربى إنك ترانا و تعلم بحالنا فأبدل عسرنا يسراً، و أبدل شدتنا بالفرج القريب من عندك يا رب، يا رب سبحانك لقد قلت لنا أدعوني أستجب لكم، ها نحن دعوناك يا رب، اللهم أستجب لنا يا رحمن يا رحيم، فأنت الأرحم بنا من أنفسنا الأمارة بالسوء، وأنت الرحيم بقلوب الضعفاء منا ومن لايقدرون على شئٍ إلا اللجوء إليك وحدك
اللهم احم بلادنا، احم أوطاننا العربية يالله

Monday, September 5, 2011

رحلة معنوية



تقف أمام بهاء ذلك النهر العظيم الذي لا تنفك تنبهر بثباته وعمقه وزرقته الآخاذة، وقوفك في حضرته يمنحك هيبةً وهدوءاً كأنك تشهد لحظة الحساب، أحاديثك الصامتة معه تريحك فهوكطبيبك النفسي الذي يهديك أسماعه متى أردت الكلام ويجاوبك متى أردت أن منه الرد، كصديقك الوفيّ الذي يدق في أعماقك ضميراً حياً في وقت شرودك أو جموحك فيردك إلى الطريق الصحيح 

تزوره مراراً وتكراراً ولا تتوقف عن الحديث إليه، و إن لاحظت ستجد أن زياراتك له دوماً ماتكون غير مرتبة، لا تُحضر نفسك له وإنما نفسك ماتحضرك إليه، فتنساق إليه مٌسَيراً لا مُخيراً، فقط تكون في حاجته ودون إدراكٍ منك بذلك، كهؤلاء الذين يمتنعون عن ذرف الدموع لحظات اليأس والإحباط، فدائماً مايوقظ الأمل والإصرار شيئاً ما بداخلهم كنوعٍ من التغذية الذاتية للنفس وبالتالي فإن الإكتفاء المعنوي لديهم أقوى وأكبر من غيرهم من البشر، في وقتٍ تحتاج فيه تلك الأحاسيس النفسية المعقدة لمن يحتضنك ويحمل عنك بعضاً منها

تقف، هادئاً، محدقاً إلى بهائه حتى وإن كانت أمواجه الهادئة تشيخ يوماً من بعد يوم ويزداد معها حكمةً ورقياً، كأنك وددت لو تحاكيه يوماً، فقد كَبُر عمره التي أذبلته الحياة ثورةً وهياجاً وحماساً واضطراباً وشباباً وعمقاً، تذوب وأنت تتعمق وتغرق في طبقاته كأنك موجةٌ ضمن أمواجه، تجذبك الأفكار بعيداً إلى أن تناديك "الندّاهة" التي  تحملك داخل عالمه الآسر، تذهب في رحلةٍ ليست بطويلة وإنما عميقة بقدر ماهو الإحباط وبقدر ماهو الكلام الذي تحمله بداخلك ولم تتفوه به، رحلةٌ تتخللها الاضطرابات وأحياناً الدموع، ترى خلالها مالم تكن تراه بعينيك الزجاجيتين، وتجيب على استفهاماتٍ عديدة لم تكن تحمل من الإجاباتٍ مايرضيك، لتفهم وتعيد حساباتك من جديد، رحلةٌ غريبة تبدأ الحياة بعدها من جديد لتراها بمنظورٍ مختلف، كأنها ارتدت حلّتها الجديدة

وتعود من رحلتك صامتاً بعد أن جفّ الكلام وانتهت الحكاية، حاملاً في جعبتك بعضٌ من الأحلام والأفكار التي أهداك إياها النيل، والكثير من الأمل في تحقيقها بعد أن أخذت منه وعداً بذلك، ليس خيالاً أو وهماً بل قمة الواقعية، فنحن من نصنع الأحلام، وكما هو النيل ينبع من جنةٍ وحلمٍ عالٍ لينساب في واقعية الحياة ليزيدها خيراً، هى الأحلام، تُزرع في أرض الخيال وتُحصد في أرض الواقع وهي مانعيش فيه، ولهذا السبب عرفت لما ترتبط الأحلام في أذهاننا بالجنان و الأنهار، ستظل تزوره مراتٍ ومرات إلى أن يجف نبعه أو أن تختلف الحياة بمعطياتها فتبتعد ولا تحتاج لزيارته

Saturday, August 13, 2011

قبل أن تغيب الشمس

نمر بتجربتنا بالحياة كمن يحمل باقةً من الورد فمنها ماهو كزهرة الليليوم يعش معك طويلاً، ومنه مايذبل و تتساقط منك أوراقه سريعاً إلى أن يختفي وجودها في مسار طريقك، إنها تلك الحياة بمعطياتها ومتغيراتها المستمرة التي أضحت لاتفاجأني بالمستحدثات من الأمور، فلن تولد مع تود أن تموت وهم يحوطونك بأي حالٍ من الأحوال، ربما فقط لم أكن أدرك مسبقاً مامعنى أن تنساب سنوات الحياة والعشرة الطويلة مع من آمنت ووثقت بهم من بين يديك دون أن تستطيع التقاطها أو الحفاظ عليها فترةً أطول، فقط أن معطيات الحياة لديهم في الوقت الحالي أهم من ماولدت به من معتقدات الصداقة والإخلاص والحب التي تجمعكم بهم، قد يمر عليها الزمن ليغير منها وفق ماارتأوه مناسباً لمصالحهم بغض النظر عن وجودك الذي قد يسد أمامهم نور الشمس التي خلقها الله لنا لتنير.

صدأت لديهم المبادئ ومات على أبوابهم التاريخ بذكرياته وأحداثه، لم تعد تضئ الحقيقة بأعينهم كما يجب، فقد غطاها الكذب ليبرر لهم أفعالهم، فقط أنهم بحاجةٍ إلى ذلك ليكملوا الطريق بثقة، إلا أن الحياة قد تخدعهم وتغريهم بأن تهديهم من السعادة ماهو مؤقتٌ فلن تحمل لهم الأيام مستقبلاً من السعادة بقدر مامرّ عليهم في ماضيهم الطويل.

قد لا أكون حالمةً حين أقول لنفسي مراراً أنك لن تخسري كثيراً بسقوطهم من أيام المستقبل، فالمستقبل يحتاج منا رؤيةً واضحة، عيناً لاتغطيها سحب الشتاء لتحجب نور الشمس الحقيقي عنها، المستقبل يحتاج منا حكمةً في الأفكار والمبادئ ورقياً في الأفعال والأقوال، فغالباً مايختار المصوّر لنا كادراتٍ أنيقة تحمل السعادة والبسمة سواءً من الأشخاص المصاحبين لنا بها أو من المعنى التي تحمله الصورة في نفوسنا وماستحمله لنا من بسمةٍ الذكرى حين النظر إليها، وأنا على الرغم من مايتساقط مني من أيام فقد حملتُ ذكرياتٍ طويلةٍ أمتدت لعمرٍ كاملٍ من البسمات والضحكات والمشاعر الفياضة التي لاتنتهي بداخلي، فلم أخسر من الحياة ماهو مهمٌ لأكمل طريقي حاملةً إياه، ومااكتسبته منها يجعلني قادرةً على رؤية الحكمة في مواقفها.

أكتبها اليوم وداعاً لك صديقتي وتوأم روحي، وداعاً لأهم وردةٍ سقطت من بين يدي في غفلةٍ طويلةٍ مني، علّها امتدت لثلاثة عشر عاماً هو عمر طويلٌ من الصداقة لن أتناساه، إلا أنني أدرك الآن أنني لم أكون معك لأكمل مابدأناه من أحلام، فقد انطفأ الإخلاص في عينيك ولن أستطيع احتمال الحياة بدونه، سأوقف الشريط هنا لأسجله في التاريخ، سأقطع الطريق لأمشي في طريقٍ يواجهك فلن تجمعنا الطرقات سوياً من جديد، لن نسكن سوياً في بيتٍ يجمعنا، لن نلعب سوياً ولن نشيخ أو نموت معاً، سامحيني فقد أسقطك ولن أنظر ورائي لأستعيدك فينتظرني من أحداث العمر ماهو أهم من إفاقة التاريخ بداخلك، فقد افترقت يدانا الآن عند مفترق الطريق ولم يعد هناك بدٌ من أن أستكمل طريقي كي أكمل مشوراي قبل أن تغيب الشمس.

Saturday, July 23, 2011

شخبطة أفكار بالألوان


لأول وهلةٍ لم أكن أدرك ماقد تعنيه تلك الخطوط، إنه درب من الفن التجريدي يختلط به بعض من الواقع، فقط جذبتني تلك اللوحات التي حملت معي العديد من المعاني في كل موقف أمر به، إنها الفنانة التجريدية/ نايتي، أبهرتني قدرتها على رسم ملامح وأبعاد اللوحات عن طريق استنادها على بعض العناصر الواقعية الموجودة حولنا في كل مكان، فدائماً ماتجد لوحاتها مزيجاً من الألوان الحية يجمع فيه بين الواقع والخيال، كأنها تغرس ذلك الواقع في لوحةٍ تجريدية لتزين وتخفف من واقعيته المرّة، حقاً أرفع قبعتي وأنحني إعجاباً بخطوطك وأفكارك وبتسمياتك المحظوظة للوحاتك

Friday, June 24, 2011

يبدو موتاً لاحياة فيه

قد يبدو استسلاماً، قد يبدو يأساً، قد يبدو إحباطاً من تساقط الأحلام ومن الحياة وفرصها القليلة التي يقرر الإنسان أن يعطيها لنفسه بها من أجل أن يحظى بفرصٍ أخرى لكي يحيا كما يحب أن تكون حياته.

ولكن حقاً حينما يدرك الإنسان أن هناك الكثير من التضحيات التي يجب أن يدفعها مقابل سعادته التي يراها حقٌ من حقوقه، قد يحاول، قد يأخذه الحماس ونشاط الإرادة إلى فعل كل مايجب عليه فعله من تخطٍ للعقبات وتحدٍ لكل مايواجه أمانيه، إلى أن يصطدم مرةً أخرى بحائط الممنوع والغير مرغوب والذي لايجب ولن يجب فعله، قد يبدو أيضاً ماأقوله مبهماً، ولكن يظل ذلك الشئ الذي يُحس فقط من ماتبقى لدينا من روحٍ يؤلمها البقاء، ذلك الإحساس المميت بالوحدة التي تنزوي إليها النفس من جديد، والصمت الممل الذي يحيط بها من كل جانب لتلجأ إليه علّه يحميها من الكلام ومن فروض الواجب، ويليه الهروب من النفس الذي يجعلنا تائهين عن معنى السعادة التي يجب علينا إقتناص وجوده حتى وإن كان يُرى وهمياً في لحظةٍ مستقبلية.

وفي تلك الحياة لايبقى لدينا سوى احتمالين للبقاء واعيين لما يحدث وتقبله، إما أن تكون اقتناص السعادة من الفروض الواجبة علينا، وحينها ستغدو الحياة مفهومةً إلى حدٍ ما، وإما أن السعادة والحياة وجهين لا ولن يلتقيان أبداً.....حتى وإن حاولنا ..

Tuesday, June 14, 2011

ذلك حينما يكتمل قمري


لكم يعجبني أن تبدو منيراً ومشعاً بهذا الشكل رغم ظلام السماء المترامي من حولك، وأحياناً ما أتسائل هل الليل مظلمٌ جداً لذا تبدو لنا مضيئاً أو أنك نقياً أبيض اللون حقاً؟ ولكن هل تعلم، لايهم فأياً كان يظل يجذبني هو ذلك الوهج الأخاذ الذي يحيط بك، كأنك نجم من نجوم حفلٍ راق سلطت عليه أضواء المسرح ليظل مرئياً جاذباً لكل المتفرجين.

منذ كنت صغيرةً أترقب السماء ليلاً من شباك غرفتي وأقوم بلعبة رسم الغيمات الذي أسبح معها في عالم طفوليٍ بعيدٍ جداً عن الواقعية التي لم أعط لها من البال اهتماماً، فقط كان يجذبني ضؤه الذي دائماً ماكان يبهجني، كنت أصدق دومأ أن اكتمال القمر دليلٌ على رضا الله في السماء علينا فيهبنا نوره ليرشدنا من خلاله الى طريقنا في الأرض، ولقد كبر المعني بزيادة الأيام في عمري وبكبر مفهوم الحياة ومسميات الأشياء في ذهني، فارتبط الأمل وتجدده في نفسي باكتمال القمر، كأنني انتظر اكتماله لتكتمل نفسي من خلاله، لتكتمل فرحتي وآمالي، أو لتكتمل أحلامي، ليكتمل معها مانقص وضاع مني في مشواري، وكأن الليل هو مصغرٌ للحياة بما فيها، ويأتي هو ليخبرني أنني أبدأ معك وأظل أكبر وأكبر وأتوهج لأنير لك لتأتي إلىّ عبر الظلام، علّك ترين النور في ظلامك الدامس الذي يكاد يخرجك من أبواب الأمل والحياة باستسلام وهروب

آهٍ مماتحمله في نفسي من معانٍ وذكريات أضحت محفورةً في خلايا عقلي،كثرت آمالي بوجودك، يزداد أملى بنورك واكتمالك، يزداد يقيني وإيماني بنور الله - تعالى- الذي يبثه في نفوسنا بمجرد النظر لذلك النور الذي يغلفك، فهو يحمل لي معه الكثير من الأحداث والذكريات التي لاأستطيع نسيانها، لاتستطيع عيناي مفارقة التطلع إليك، ولا أستطيع التوقف عن الحديث إليك، كأنني أكلم رفيقاً على سطحك أنتظر منه الرد أو ينتظر قدومي إليه، قد يكون مساً من الجنون، ولكن ماهو المنطقي والمعقول في عالمنا؟!

ستظل أحلامي تمتد وآمالي تعلو لتصل إليك في سماءك العالية، علّنا نأتي إليك يوماً لنحقق ماحلمنا به على سطحك، ربما لنسافر بعيداً عن الأرض بما فيها، ربما لنفرح، ربما لنرقص، ربما لنحتفل، ربما لنقتبس بعضاً من نورك، علّنا نضئ الطريق لبعضنا البعض في مستقبل قريب..

Wednesday, May 4, 2011

مرآة روحي


اليوم فقط بادرتني تلك النظرة المتسائلة تطل من عينيّ وأنا أقف أمام مرآتي، أمام وجهي الذي توقفت عن تأمله منذ وقت طويل، مالذي تريدينه؟!

توقفت في هذه اللحظة فقط تنميق عباراتي بتلك المبررات التي أسردها دوماً لأقنع نفسي أنني سعيدةً أو متفائلةً أو بي من النشاط والحماس ماقد يبني قلاعاً من المثالية، خلعت عني ثوب القوة والعناد الذي أرتديه دوماً ليحمي قلاع الرمال التي بداخلي، وقررت أن أسأل نفسي فقط عن الذي تريده ليبهجها ولو للحظات قليلة

وساد الصمت طويلاً، لم يكن صمتاً مفهوماً، فلم أستطع الإجابة، ولم أمتلك رداً، أكنت مثقلةً لدرجة انني لم أمتلك من الكلام مايقال؟ أم أنني أفتقر حقاً إلى مفهوم السعادة؟ أم لا أعلم حقاً مامعناها الحقيقي؟

لا أعلم فالصمت لايزال يسكنني، كل ما أنا موقنةٌ منه أنني نظرت اليوم فقط لأرى شباباً غضاً تملأ ثناياه تجاعيد الكبر، فالروح قد جفت من شمس الحياة الحارقة، والعقل قد نضج إلى حد الغرور، لم يعد يرى بداً من قتل ذلك الشئ بداخله، علّه يستطع أن يجب على هذا السؤال يوماً، علّه يستطع تبرير أفعاله بطريقة مختلفة تجعله واثقاً من أنه غير سعيد في تلك الحياة ....

Friday, April 15, 2011

أحكام نمطية


يقف أحدهم دون أن ينبس ببنت شفة، متحجرةٌ نظراته وتكاد أجفانه أن تغلق أبوابها إنصياعاً لرغبةٍ بالراحة الأبدية، راحة لاتعرف بعدها الروح شقاءً أبداً، يحمل بين طياته ملايين الأسئلة التي شُلّ عقله في الإجابة عنها، فالاتهامات تنهال عليه دون أي رأفةٍ أو شفقةٍ على عدم دفاعه عن أيٍ منها، ليس افتقاراً إلى الردود أو الذود عن نفسه، ولكن إحساساً مميتاً باليأس والصدمة، فالاتهامات موجهً إليك ممن يهك أمرهم،كيف قد توجه إليك الاتهامات جزافاً ودون الرغبة في سماع أي التبريرات، فقط أن من أهم أهداف من يرميك بالاتهامات يود أن يتخلص من وجودك، أي رغبة شريرةٍ تلك التي تدفع بإنسان أن يظلم إنساناً آخر، وأي مكانةٍ قد تسمح لأحد ما أن يحكم جوراً دون الاستماع إلى أنين الظلم أو أن يرى الحق في عينٍ مظلومة.

لم أحب هذا الشعور يوماً، أود أن تنتهي حياتي قبل أن أشعر بخناجر جائرةٍ تخترقني، وأعلم كم هي من أبشع مايكون الإحساس يوماً، نتفق جميعنا أن البشر ليسوا ملائكة من نور، جميعنا خطائون، جميعنا نقترف الخطايا بعلمٍ أو بدون علم، جميعنا نسير أحياناً بلا هدى، أو نمضي ثقةً في أقرب الناس إلينا، نستمع لأرائهم ووجهات نظرهم، ونستنج بعد ذلك كم كانوا مخطئين في رأي أو وجهة نظر ما.

ولهذا وُجد الندم والتوبة في الحياة، لنا جميعاً من الحقوق مايكفل لنا حرية الندم أو تصحيح الأخطاء قبل الرجوع إلى خالقنا ومن له الحق الوحيد في مجازاتنا ثواباً أو عقاباً، فليس لأيٍ من بني البشر الحق في ممارسة سلطة الحكم على سلوك أي إنسان، مع حفظ حقوق السلطات القانونية والتنفيذية والمحاكم التي تصدر أحكاماً تنفيذية بناءً على فقه القانون المعترف به، فأنا أقصد محاكمة البشر بعضهم بعضاً كمن عُصموا من الخطاً فأصبحوا يرمون بعضهم جوراً وظلماً ودون استنادٍ إلى شواهد أو مبررات منطقيةٍ موضوعية، فقط اعتماداً على أهواء سطحيةٍ بعيدةً كل البعد عن عظم الحكم على حياة شخص أو التقرير بشأنها.

لو يعلم كل من رمى حكماً على شخصٍ أنه كأنما يقتل روحاً حيةً لعرف عظم الجرم الذي يقترفه، إرحمنا يامن رحمتنا وخففت عنّا وأجزت لنا التوبةً محواً لمعاصينا، وفتحت أبواب الرجاء لعبادك جميعاً، صغيراً وكبيراً، شيخاً وشاباً، مذنباً حتى أو بريئاً..

Friday, March 25, 2011

أبواب الصمت


أبواب الصمت ... تلك الأبواب التي عشت خلفها طويلاً إلى أن جاء ليعلمني أنها أبوابٌ افتراضية، تلك الأبواب التي اقتحمها بهدوءٍ ليقتحمني، ومنذ ذلك الحين لم أستطع أن أفتحها لأحدٍ سواه مهما حاولت أو حاولوا، بل ربما رجعت مرةً أخرى لأختبئ ورائها وأحكمت إغلاقها خوفاً من رياح الحياة العاتية ...

غالباً مايكون الطبيب الذي أسبر أغوار النفس هو القادر على علاجها، وقد كان طبيبي الذي حفظني عن ظهر قلب، يعرف ما قد أشعره وإن كنت بعيدةً عنه، فهو يسمع نداءي، لا أحتاج إلا أن يأتيني صوته عبر هاتفي أو أن يباغتني بلقاء.

مر الكثير والكثير من الوقت، ولا أزال أحمل الذنب بقلبي، لا أزال أتذكر الأحداث كأنها كانت بالأمس ولم يمض على الغياب كلّ هذا الوقت، أتخبطُ كثيراً قبل أن أرى صورته في كل غيم يمر على حياتي بنهاية كل شتاء، بنهاية كل قصةٍ جديدةٍ أرمي بنفسي في داخلها غير مكتملة الملامح، ينقصني شئ ما.

واليوم فقط تأكدت أن ما ينقصني كان هو، تنقصني تلك الملامح الهادئة، ينقصني ذلك الإحساس بالحرية، ينقصني ذلك البريق الذي توهج في حياتي وفجأة انطفئ، ينقصني طبيبي الذي كان يسمعني في كل لحظة تمر علّى وأنا متخبطةٌ بين الأفكار التي لا أفهم لها ملامحاً ولا أدرك مغزاً من محاصرتها إياي.

ماذا فعلت بي؟ ماذا أضعت بداخلي؟ لماذا تداهمني تلك الأحزان الآن؟ لماذا أفتقد كل تلك الأيام؟ لماذا أذكر كل تلك الأحداث بعد مرور كل هذا الوقت؟ أحنينٌ مفاجئ أتى ليجتاح ماتبقى مني؟ أم باب من الشمس فُتح لي لأرى مافات الآن بوضوح، أذبت أقنعة الشجاعة لدّي فلم أعد أختبئ وراء أحدها، لما وافقت أن تطير معي ياطبيبي وأنت تعلم أنك لن تستطيع الصمود طويلاً، علمتُك الطيران فكان أول مافعلت أن أفلتّ يدي.

لربما لم يكن خطؤك، أنني اخترت أن أبتعد كثيراً ظناً أني أحمي نفسي بابتعادي، ظننت حتى وإن طرت إلى أبعد مما تخيلت نفسي قادرةً على فعله، ولكنني فشلت في أن أختبئ، فشلت في أن أضيع بعيدةً عنك، أظل أنظر في مرآتي فأراك تشع من عينيّ كأنك ضميري الذي أبى أن يُدفن في داخلي، ماذا أفعل لتبتعد عني، ماذا أصنع بذلك الطيف الذي يحوطني في كل لحظة، ماذا أفعل لهذا الصوت الذي لم أستطع التوقف عن سماعه في كل وقت حتى وإن كان ليطمئنني أن ذلك الشئ سيمر في طريقه أيضاً، ماذا تفعل بي؟

لعلي حينما أغلقت الأبواب نسيت أنك لاتزال بداخلها، وددت لو تفتح تلك الأبواب مرةً أخرى فقط لتخرج من داخلها بهدوءٍ كما دخلتها ...